الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

صباحات منتهية(موقع مقالتي في الحوار المتمدن)

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=328359


ذلك الحزن الذي بداخلها كان يكفي ليغطي قارة ويفيض، تُرى متى وُجِد ذلك الهر الأسود ذو المخالب الحادة في أحشائها!! منذ متى وهي تطعمه مشاعرها وأحزانها وأتراحها ودموعها وأوجاعها دون أن تدري؟!!
لم تكن لتعي بأنها مع كل جرح تخضع له باسم الحب تهدي لهرها الأسود أحد مخالبه، وبعد أن اكتملت فصول الوجع بالرحيل شعرت بحدة تلك المخالب مرة واحدة.. شعرتْ بها بعد أول مكالمة هاتفية خُتمت بذلك المجيب الآلي اللعين: (المشترك لا يرد حاول الاتصال في وقت لاحق)
كانت أحشاؤها تتمزق ... تتقطع على يد مخالب تغذت وكبرت على غباء تنازلاتها التي بلغت أوجها ذات يوم.
هاهو إذن ينكث كل وعوده بالبقاء الأبدي ويرحل بصمت تاركاً خلفه ذاكرة مفخخة بسبع سنوات وهر أسود وألف سؤال بقيادة لماذا:
(لماذا رحل؟!.. لماذا اختار أن يتحول فجأة إلى كائن صامت؟!.. لماذا لم يكلف نفسه عناء البوح بكلمة وداع واحدة تخفف عنها ألم كل تلك التساؤلات القاتلة؟!... لماذا ولماذا ولماذا...)
يأتي صباح ويمضي آخر، وهي محملة بصباحات منتهية وأحلام لم تتحقق بعد...محملة بصور لأحلى أيام العمر لم تلتقط يوماً بعدسة مصور، فقط عدسة أوهامها التقطتها وأطرتها بأكاذيب رجل لم يكن موجوداً منذ البداية إلا لإيذائها...
عندما يعود المساء و(يرتدي) وترتديه الآفاق بكل عنفوان تحمل آمالها مع كتاب نسيان لأحلام مستغانمي لتتذكره مع كل كلمة تحرّض على النسيان, كانت ذاكرتها متمردة كما هي نسيان لا يعني سوى: تذكري .. أشعري بالحنين لذلك الذي ملأك أسى ولم يترك لكِ سوى آثار مبعثرة في كل زوايا حياتك.
"يكفي أن تكسب المرأة معركتها الأولى حتى لا يعد بإمكان أحد أن يهزمها" أحلام مستغانمي...
كانت تتوقف كثيرا عند تلك العبارة تنظر إليها بانكسارِ مُشرّدٍ على عتبةِ فرن يتضور جوعاً ولا يجد من المال ما يكفي ليشتري به شيئاً واحداً من كلِّ تلك المخبوزات التي أمامه...
"هل سأكسب معركتي معه؟! هل هذه معركتي الأولى؟! فسحقا لذلك القدر الذي شاء أن يزجني بحرب غير عادلة، طرفاها كانا ذات يوم حبيبين"... كتبت حروفها تلك وقررت اللجوء إلى النوم محملة بذاكرتِها المتآمرة عليها وكتابِ نسيان الذي لم يُنسِها سوى نسيانها، وأغنيةِ (كرهتك) للطيفة التونسية؛ لأنها تعودت مراوغة رغباتها وأحلامها وعقلها الباطن.. إنها الذاكرة المعاكسة والرغبة المضادة.. كرهتك تعني بأني لازلت أعشقك حدّ الموت وحدّ الجنون!!
لاح الصباح من نافذة منفاها الذي لازمته طويلا.. باشرت الصباح بفنجان غصة ورغيف نسيان لا يُمضغ ... أمسكت دفترها وذلك القلم وقررت أن تكتب .. أن تواصل ما بدأت به لا تعرف ما تود الوصول إليه: قصة, رواية, خاطرة أم هلوسات فقط أم لا شيء؛ فهي ليست ضليعة بفنون الأدب ولا بعلم النحو.. كل ما تتقنه سرد أوجاعها بأمانة نبي.
قررت هذه المرة أن تغادر منفاها محملة بقلم ودفتر ... خرجت لحديقة المنزل وافترشت الأرض وأخذت تكتب كل ما اعتراها وما يعتريها ومالم يعترها إلى الآن!!
توقفتْ لحظة... كانت طفلة صغيرة لا تتجاوز أربع سنوات.. تجلس بقربها.. تمسك بدفتر تلوين صغير مرسوم على غلافه صورة (سبونج بوب) وقلم رسم على كل جهاته ميكي ماوس وصديقته اللذيذة
كانت تحاول تقليدي في كل شيء كانت لي رغبة خفية بمراقبتها.. تضع القلم بين شفتيها كما أفعل أنا.. ترمي بذلك الشعر الذي يغمر وجهها خلف أذنيها مثلي تماما.. تتنفس بعمق كما أفعل أنا
غمرتني ابتسامة صغيره إنها ابتسامة البشرية أمام ملائكية الصغار
وأنا في غمرة ابتسامتي المتواضعة تلك انتابني كل ما في هذا الكون من خوف.. خوف أمٍّ على صغيرها, قلب على دقاته, مشرد على سترته المهترئة هي كل ما يملك في هذا الكون, بعد عشر سنوات ونيف أخشى أن تقلدني هذه الصغيرة بأوجاعي أيضا.
أنا أملأ دفتري ذا الغلاف الغامق بجراح حب قد هشم حياتي وأحالني عدما وهي تملأ دفترها الصغير ذلك بهموم أسبونج بوب الذي حل ببساطته الأمريكية محل مغامرات السندباد الذي رحل مع بغداد ولم يعد!!
قرأت ذات يوم في أحد الكتب للدكتور أبراهيم الفقي (رحمه الله) بأن كل شيء في هذا الكون يخضع لقانون الأنجذاب ليست الكره الأرضية وحدها من تخضع لذلك,فكل مانفكر به سينجذب نحونا وكل مانحاول تقليده سيشبهنا حتما,أيعقل أن تنجذب أوجاعي نحو هذه الصغيره دون أن تعي بأن خلف سبونج بوب هذا ألف وحش ووحش سيلتهم أمنياتها ذات يوم...
قررت أن أقنعها بالذهاب لوالدتها وعدتها بعروسه ترتدي فستان أبيض فستان أبيض!! لعريس هرب وتركها سلعة في كل المحال التجارية نادرا مانرى تلك اللعبة العروسة المنتشية بفستانها الأبيض وبجانبها عريس أنه أيحاء خفي بأن كل الرجال حتى الألعاب المشبه بهم لهم قدرة الهروب حتى في تلك اللحظات الناصعة البياض.